رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د.بدر بن سعود ال سعود
د.بدر بن سعود ال سعود

تحالف الملالي والإخوان

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أنقرة وطهران اتفقتا على تعاون إعلامي قبل ما يقارب الشهر، وهذا التفاهم جاء كنتيجة طبيعية لحالة الانسجام السياسي بين الدولتين من أيام الشاه وأتاتورك، فقد وقعت معاهد صداقة بين البلدين في 1926، واستخدم العثمانيون ذريعة المد الصفوي لتبرير احتلالهم الدول العربية طوال ثلاث مئة سنة، والتقارب الذي بدأ بين نظام الملالي وجماعة الإخوان المسلمين في أواخر السبعينات، ازداد رسوخاً بمجرد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في 2002.
أردوغان دعم برنامج إيران النووي في 2010، وساعد الإيرانيين على تخصيب اليورانيوم داخل تركيا، واستورد الأتراك ما قيمته 900 مليون دولار من الذهب الفنزويلي، وكان الغرض مساعدة إيران في تجاوز العقوبات المفروضة عليها، والعلاقة بين الجانبين قائمة على المصالح الاقتصادية والسياسية المتبادلة، فأنقرة تعتبر أكبر مستورد للغاز الطبيعي الإيراني، وحجم التبادل التجاري التركي مع إيران يصل إلى 14 مليار دولار في السنة، وفي المقابل تمثل طهران السوق الأكبر للصادرات التركية غير النفطية، وتركيا مستفيدة من حالة الفوضى التي تكرسها مشروعات إيران في المنطقة العربية، لأنها توفر أرضية خصبة لخططها التوسعية.

التعاون الإعلامي بين نظامي أردوغان والملالي لن يتوقف عند قناة الجزيرة القطرية، وسيستفيد الطرفان من قنوات كالميادين والعالم والمنار المملوكة لوكلاء إيران، وقناة تي آر تي التركية الحكومية الناطقة بالعربية، والخطاب الإعلامي التركي يمكن التعرف عليه ببساطة، مهما اختلفت هوية المنصة، فهو يتقاطع مع الطرح القطري، ويعمل على مهاجمة دول الخليج ومصر، ويقدم تركيا بوصفها دولة تهتم بمصالح المنطقة العربية وقضاياها المركزية، وبطبيعة الحال، تفضل دولة الملالي الظهور بمظهر الدولة القوية المستقلة في سياستها، والتي تتعامل بندية مع القوى الدولية والإقليمية، وكلاهما يسوق للأيديولوجيا الخاصة به، ويمارس قلباً ممنهجاً للحقائق.
الأتراك يحاولون استعادة الأراضي العثمانية قبل الثورة العربية الكبرى في 1916، والإيرانيون يأملون في بعث شرطي الخليج من مرقده، والتسمية بدأها الشاه، وكانت إدارة نيكسون الأميركية تدعمه وتؤيد توجهاته، ومكنته من احتلال الجزر العربية الثلاث، ومن إلزام العراق بالتنازل عن نصف شط العرب، والواقعتان حدثتا في 1971، وما نسبته 68 % من الدولة العربية، يخضع في الوقت الحالي، لسيطرة جزئية أو كلية من الدولتين أو إحداهما، وهو مؤشر خطير.
التدخلات الإيرانية التركية في المحيط العربي تفاقم الأزمات وتزيد في عمرها، ومن صالح النظامين أن تستمر الأوضاع غير المستقرة بلا حلول سياسية، وأن يتحول العالم العربي ركاماً من الدول الفاشلة، والفراغات الإقليمية وحالة العجز العربية ممكنات للظاهرتين التركية والإيرانية، وكل حروب العرب لا يمكن أن تخرج بنتائج إيجابية وعادلة، إلا إذا كانت المنظومة العربية متماسكة وقوية في مواجهة التهديدات، ولعل البداية المناسبة تكون بالتفعيل العاجل لمجلس الدفاع العربي المشترك، والذي تم اقتراحه قبل 70 سنة.
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up